
1. مكانة المرأة في الإسلام
منذ بزوغ الإسلام، بوأ المرأة مكانة رفيعة، ورفع شأنها في الأسرة والمجتمع، ومنحها حقوقها المادية والمعنوية والسياسية. فالمرأة مساوية للرجل في أصل الكرامة الإنسانية، مع مراعاة خصوصيتها التكوينية.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«أكرم الإسلام المرأة، وأعزّ قدرها، وأعلى شأنها، وسمح لها بمزاولة كل الأدوار المناسبة لها، واللائقة بكرامتها، والملائمة لتركيبتها كأنثى، واستثنى من ذلك أمرين: أحدهما، ما لا يناسبها تكويناً؛ إذ هي ريحانة. وثانيهما، اتخاذها سلعة رخيصة، تتجاذبها أسواق الميوعة وأندية الفساد».
2. المرأة ريحانة
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وصف المرأة بأنها ريحانة، وهذا التعبير لم يكن مجرد وصية للرجال بحسن معاملتها، بل دعوة للمرأة نفسها كي تعي حقيقتها الريحانية وتبني حياتها على أساس العفة والرقة والكرامة.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«قال الإمام عليّ سلام الله عليه: (المرأة ريحانة)، هذه الكلمة لم يقلها الإمام سلام الله عليه للرجال فقط ليوصيهم بالنساء وحسب، وإنما أراد سلام الله عليه من خلالها أن يعبر عن واقع، ويثبت حقيقة يستدعي من المرأة نفسها أن تدرك ماهيتها».
3. التكامل بين الرجل والمرأة
الحياة تقوم على تكامل الأدوار، فالرجل والمرأة شريكان مختلفان متكاملان، كالعظم والغضروف في الجسد، وكالليل والنهار في دورة الحياة. أي محاولة لإلغاء هذه الفوارق الطبيعية تُحدث خللاً و”شللًا” في المجتمع والأسرة.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«من الطبيعي أن تختلف واجبات المرأة عن واجبات الرجل بسبب الاختلاف الموجود في طبيعتهما، كما تختلف واجبات الغضروف عن العظم في بدن الإنسان، حيث استقامة البدن بالعظم، وحركته بالغضروف، ولو أردت أن تساوي بينهما فمعناه أنّك شللت البدن».
وقال أيضًا:
«إذا أردنا أن ندخل النساء المعامل الثقيلة أو نسكّن الرجال البيوت للقيام بالمهام المنزلية، فكلا الفرضين شلل للحياة، والدليل على ذلك ما نلاحظه في الحياة الغربية، فمن أين جاءت هذه المشاكل… لأن واجبات المرأة أخذت منها وحوّلت إلى واجبات الرجل، وواجبات الرجل أخذت منه وأعطيت للمرأة».
4. حقوق المرأة
الإسلام كفل للمرأة حقوقها كاملة، لكن العادات الجاهلية والتقاليد السائدة في بعض المجتمعات الإسلامية حرمتها منها، ونسبت ذلك ظلمًا إلى الدين. فالمرأة مساوية للرجل في الواجبات والحقوق أمام الله إلا في استثناءات محدودة.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«للمرأة مكانة في الإسلام مساوية لمكانة الرجل في جميع الحقوق والواجبات، والأصل هو التساوي في ذلك، إلا في بعض المستثنيات التي هي في مصلحة الرجل والمرأة كليهما، فالرجل هو الأب، والمرأة هي الأم، وهذا لا يعني الظلم بحق أحدهما».
5. الحجاب ودوره في الأسرة
الحجاب تشريع لحماية الأسرة والمجتمع، ولتقوية علاقة الرجل بزوجته والمرأة بزوجها. فهو سياج يصون العفة ويضمن الاستقرار العاطفي ويحقق جوًّا مفعمًا بالمودّة والوئام.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«فرض الإسلام (الحجاب) على المرأة، لتقلّ الموبقات، وتشتد علاقة الرجل بزوجته والزوجة بزوجها، فتهدأ العائلة، وترقد في جو هانئ وسعيد، مفعم بالحبّ والوداد، والوفاق والوئام».
6. العلم والعمل للمرأة
لم يمنع الإسلام المرأة من طلب العلم والعمل، بل فرض عليها في بعض المواطن العلم، وشجّعها على العمل النافع. المحظور فقط هو ما يسيء إلى عفتها أو يخرجها عن وقارها.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«لم يحرّم الإسلام على المرأة علماً ولا عملاً، بل فرض عليها أحياناً العلم والعمل، وحبّذهما لها أحياناً أخرى، وإنما حرّم عليها التبذّل والميوعة، والتبرّج والخلاعة، كما حرّم عليها أن تقوم بأعمال تنافي عفّتها وشأنها».
وقال أيضًا:
«المرأة المؤمنة والصالحة يمكنها أن تكون فقيهة وعالمة ومجتهدة وتصل إلى مرتبةٍ عُليا، وذلك بعزمها وتصميمها، وإن كان الطريق طريق ذات الشوكة ومليئاً بالمشاكل والصعوبات».
7. القدوات الصالحات
المرأة المسلمة أمامها قدوات معصومات مثل فاطمة الزهراء وزينب الحوراء (عليهما السلام)، والاقتداء بهنّ في السلوك والمواقف يضمن رضا الإمام صاحب العصر والزمان (عج).
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«إنّ للنساء الكثير من القدوات الصالحات، وأولاهنّ الصدّيقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، والثانية الصدّيقة زينب الحوراء سلام الله عليها… علماً بأنّ الالتزام بسيرة هاتين الصدّيقتين القدوتين هو الأمر الوحيد الذي يضمن للنساء المقام المحمود لدى الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف».
8. الوظيفة الرسالية للمرأة
وظيفة المرأة المؤمنة في الإسلام لا تقل عن وظيفة الرجل، بل قد تكون أعظم بحسب إدراكها وقدرتها. فهي مسؤولة عن تبليغ الدين، وإدارة الجلسات، وردّ الشبهات، بنفس المستوى الذي يكلّف به الرجل.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«وظيفة المرأة المؤمنة هي عين وظيفة الرجل المؤمن، بل ربما فاقت وظيفة المرأة المؤمنة وظيفة الرجل المؤمن بعشرة أضعاف. هذا الأمر يتبع شيئين: أحدهما الإدراك، والآخر القدرة».
وقال أيضًا:
«وظيفتك أيّتها المرأة أن تعرفي دين الله سبحانه، وأن تبلّغي ذلك للآخرين، ليس فقط بأسلوب النقل، وإنما بالبيان والإفصاح، وردّ الشبهات عبر عقد الجلسات وإدارتها على نحو جيّد».
9. الأخلاق والإنصاف
المرأة مسؤولة أن تكون قدوة في الأخلاق، مع والديها، وزوجها، وأبنائها، وأقاربها، والناس جميعًا، بحيث تعاملهم بما تحب أن يعاملوها، وتكره لهم ما تكره لنفسها.
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:
«يلزم على المرأة أن تراعي الإنصاف والخلق الحسن مع والديها، وزوجها وأبنائها، وعائلتها، وأقاربها، ومع الناس جميعاً. وأن تتعامل مع الجميع بما تحبّ أن يتعاملن معها، وأن تكره لهنّ ما تكرهه لنفسها».
الخاتمة
يظهر من كلمات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله أن الإسلام أعطى المرأة أرفع مكانة، وجعلها شريكة أساسية في الأسرة المرجع الديني تمع، وفي ميادين العلم والتبليغ والرسالة. وأن سرّ سعادتها الحقيقية يكمن في الاقتداء بالزهراء وزينب (عليهما السلام)، مع مراعاة العفة، والوظائف التكوينية والرسالية.