
المقدمة
تُعدّ الانتخابات اليوم من أهم الوسائل الحضارية التي تعكس إرادة الشعوب، وتُجسّد حقّهم في تقرير مصيرهم، واختيار من يمثلهم في إدارة شؤونهم. وفي العراق بالذات، حيث الجراح ما زالت نازفة والتحديات كبيرة، تتضاعف أهمية المشاركة الواعية والنزيهة في هذه العملية المصيرية. ومن هنا جاءت كلمات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله ووصايا مكتب المرجعية، لتضع الإطار الشرعي والأخلاقي والعملي للانتخابات، وتبيّن ضوابطها وغاياتها.
أولًا: كلمات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله
يقول سماحته:
«يلزم الاشتراك ترشيحاً وتصويتاً، وكذلك لزوم المحافظة على نزاهتها وسلامتها إن شاء الله تعالى، ودليل لزوم ذلك واضح لأن المشاركة في الظرف المعاصر هي من أفضل السبل الموجودة في الأنظمة السياسية».
وفي كتابه إضاءات يؤكد سماحته:
«يلزم على جميع العراقيين الكرام، المشاركة في تسجيل أسمائهم للانتخابات، ومن ثَمّ المشاركة العامة فيها».
ويقول سماحته في بيان مقوّمات الحكومة:
«إنّ الحكومة يجب أن تتوفر فيها عدّة مقومات حتى تكون مرضية، منها: أن يختارها الشعب عبر انتخابات حرّة ونزيهة وبعيدة عن الضغوط الأجنبية».
كما يحذّر سماحته:
«نحذر من أن يُصاغ قانون الانتخابات بشكل يضيّع حقوق كثير من المواطنين».
ويؤكد على دور القانونيين:
«ندعو الأخصائيين في القانون إلى تقديم أطروحاتهم حتى تقام الانتخابات بشكل يؤمّن مصلحة الشعب، ويجب أن تجرى الانتخابات بإشراف ممثلين لكل الشعب بمختلف فئاته».
وفي جانب العدالة يقول:
«لابد من عدم هضم حقوق أية مجموعة من الشعب، وإعطاء الأكثرية حقوقها كاملة غير منقوصة، وكذلك إعطاء الأقليات حقوقها، قال الله تعالى: لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ».
وعن الديمقراطية الحقيقية يوضح سماحته:
«ينبغي أن تكون الأكثرية هي الملاك في الانتخابات والحكم وسائر المجالات المشروعة مع منح الأقليات حقوقها الشرعية كافية وكاملة، فهي البند الأهم من البنود الأربعة للديمقراطية التي يفهمها العالم».
وفي التأكيد على نزاهة الانتخابات:
«يلزم أن تكون الانتخابات بإشراف ومراقبة دوليّة نزيهة، إضافة إلى القوى الدينية والسياسية والعشائرية العراقية، لضمان نزاهة الانتخابات، وحريّتها، واشتراك الجميع فيها».
ويشدد على الوقاية من التزوير:
«يجب توفير المناخ السليم كي لا تتمكن الجهات المشبوهة من التلاعب والتزوير في الانتخابات، وينبغي الاستفادة من أحدث التقنيات والأساليب التي تمنع من التزوير، كل ذلك بإشراف الخبراء العراقيين والدوليين النزيهين».
ويؤكد سماحته:
«المشاركة لازمة لأنها تعبير عن الاهتمام بأمور العراق الجريح».
وفي حكم بيع الأصوات قال:
«لا يجوز ولا يصحّ منه البيع ـ في فرض السؤال ـ».
ويخاطب الأمة:
«ينبغي على الجميع، تحملّ المسؤولية الشرعيّة والتاريخية الملقاة على عواتقهم، والمساهمة الجادة الإيجابية في الانتخابات المترقبة».
ويصف المرحلة بقوله:
«في هذا الظرف الحسّاس المصيري من تاريخ العراق المعاصر، يلزم على الجميع المشاركة الفعّالة في الانتخابات التي آمل ـ بإذن الله تعالى ـ أن تكون خطوة للعراق الجريح والعراقيين المظلومين، لاسترداد أمنهم وسيادتهم وعزّهم ورفاههم. كما أؤكد على ضرورة الاهتمام بانتخاب الأفراد الصالحين الذين يكون همّهم الإسلام وخدمة العراق مركز أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم».
ويضع خلاصة الأمر:
«إن إجراء الانتخابات هو السبيل ليقول الشعب العراقي الكريم كلمته».
ثانيًا: وصايا مكتب المرجعية
صحة الانتخابات مشروطة بأن تُجرى ضمن الضوابط الشرعية، وتحت إشراف القوى الدينية والسياسية والعشائرية العراقية، منعًا للتلاعب والتزوير.
الموقف الشرعي عند فقدان المرشح الأكفأ: يجب الاشتراك في الانتخابات، بعد التحقيق والمشورة، بانتخاب المؤمن الأفضل، الخدوم الأنفع لأبناء وطنه، ولا يصح انتخاب أيٍّ كان.
مؤهلات المرشح: الإيمان، العدالة، الوثاقة، سعة الصدر، محبة الآخرين وخدمتهم بإخلاص في سبيل الله تعالى.
الحديث النبوي الأساس: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، الذي يحمّل كل فرد مسؤولية اختيار الأصلح لإصلاح بلده وخدمة شعبه.
ضرورة الإشراف الشامل: أن تكون الانتخابات تحت إشراف ممثلين عن جميع قطاعات الشعب، وأن تُتاح الفرصة لكل صاحب كفاءة من كل الشرائح للترشح بحرية، بعيدًا عن القيود المصطنعة أو التدخلات الخارجية.
الخاتمة
يتضح من مجموع كلمات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله ووصايا مكتب المرجعية أنّ الانتخابات في العراق ليست مجرد عملية سياسية شكلية، بل هي تكليف شرعي، وأمانة تاريخية، ووسيلة لإنقاذ الوطن الجريح. شرطها الأساس أن تكون حرة، نزيهة، عادلة، جامعة، قائمة على اختيار الأكفأ والأصلح، وبعيدة عن التزوير والتدخلات الأجنبية.
ملاحظة: هذه مجموعة من الكلمات والفتاوى القديمة أعيد صياغتها بشكل جديد.